728x90
خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

ماذا يمكن أن تخسر الولايات المتحدة بفعل سياسات ترامب..؟؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

بعد انتخابه مباشرةً، عمد الرئيس الأميركي ترامب إلى تبني عدد من السياسات الاقتصادية «الحمائية» التي أراد من خلالها وقف ما أسماه استغلال الدول الأخرى (العدوة والحليفة) للولايات المتحدة اقتصادياً، وقد اعتبر أن سياسته الاقتصادية هذه بمثابة «تحرير اقتصادي» للولايات المتحدة يسترجع من خلالها مليارات الدولارات، ويسدّد جزءاً كبيراً من مديونيتها الهائلة، ويُري العالم «زعامة» الولايات المتحدة وقدراتها المميزة!

ولكن... إذا تأملنا في المردود الاستراتيجي لقرارات ترامب وتوجهاته، نلاحظ أنها تقف بالضد من «البديهيات» التاريخية لمسيرة الولايات المتحدة، وربما لمصالحها البعيدة المدى، ولكي نبرهن على ما نقول فلندقّق فيما يلي:

أولاً: الولايات المتحدة دولة رأسمالية، بل هي أبرز ممثلي الرأسمالية (capitalism) في العالم، ومعروف أن الرأسمالية تقوم- ومنذ أن نظّر لها «آدم سميث»–على حرية السوق (free-market) وعلى العرض والطلب (supply and demand) فكيف تتسق هذه الرأسمالية مع «الحمائية» التي يتبناها الآن؟ والتي بموجبها فرض رسوماً جمركية على معظم واردات دول العالم إلى الولايات المتحدة (وبالذات الصين التي يشكل اقتصادها ثاني اقتصاد في العالم). صحيح أنه أجل تفعيل بعضها إلى ما بعد (90) يوماً، ولكن هذا لا يلغي المبدأ الذي يتبناه والذي هو أقرب إلى ممارسات الدول الشمولية منه إلى ممارسات الدول الرأسمالية.

ثانياً: لقد آمنت الولايات المتحدة مع غيرها من الدول الغربية بما أسموه «العولمة» (Globalization) أيّ «طبع العالم بالطابع الثقافي الغربي»، وهذا ما هو حاصل في الواقع الآن، وعلى مستوى العالم تقريباً، حيث يُلاحِظ المراقب أينما ذهب منتجات الثقافة الغربية (وبالذات الأميركية) من تعامل باللغة الإنجليزية، واستخدام لأجهزة تكنولوجية معينة، ومطاعم للأكلات الجاهزة، وغير ذلك كثير، ولذا فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف يتسق هذا مع رغبة «ترامب» وسياسته في الحد من الهجرة إلى الولايات المتحدة، والتضييق على المقيمين فيها، والانغلاق على سياسات وثقافات بعض الدول (كمنع مواطني بعض الدول من القدوم إلى الولايات المتحدة)؟ إنّ مجرد رفعه لشعارات مثل أميركا أولاً (America First) هو دليل على موقفه من الدول والثقافات الأخرى، وعدم إيمانه بمفهوم «العولمة» حتى وإن كانت الولايات المتحدة هي العامل الفاعل فيه، حتى قال البعض إنّ ما يحدث في العالم ليس عولمة بل أمركة (Americanization)!

ثالثاً: لقد نجحت الولايات المتحدة نجاحاً كبيراً فيما يتعلق بممارسة «القوة الناعمة»، والتي تراكمت لديها بسبب قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، ولعلّنا لا نبالغ إذا قلنا إنّ «القوة الناعمة» التي تتمتع بها الولايات المتحدة في عالم اليوم لا تقل عن مظاهر قوتها الأخرى، فالكثيرون من شباب العالم يحلمون بالهجرة إلى الولايات المتحدة، والجامعات الأميركية هي التي يخطط معظم الطلبة حول العالم للدراسة فيها. والولايات المتحدة هي «الجنة الموعودة» للكثيرين الذين يودون نيل فُرصهم في الحياة (The country of opportunities)، سواء أكانت في العمل أو العيش، ولكن ترامب يخاطر من خلال سياسته المتعلقة بالهجرة والاقتصاد وغيرها بهذه «القوة الناعمة» التي تؤثر بها الولايات المتحدة في معظم دول العالم ومجتمعاتها. إنّ سياسته التي أشرنا إليها تحذر الأصدقاء قبل الأعداء، وتعطي الانطباع عن الولايات المتحدة بأنها «لا يُعتمد عليها»، وحتى الطلبة الذين يدرسون في جامعاتها بدأوا يتساءَلون عن مدى حريتهم في ممارسة حقوقهم، وكذلك المقيمون الذين يُلاحق بعضهم الآن من قبل إدارة ترامب بسبب «معاداتهم للسامية"!، وغني عن القول إنّ كل ما يحدث في الداخل الأميركي يُنقل إلى الخارج، ويؤثر على صورة (Image) الولايات المتحدة أمام العالم، ويؤثر بالتالي على مدى قبولها سياسياً وثقافياً.

رابعاً: لقد أسست الولايات المتحدة، بالتعاون مع غيرها الكثير من المؤسسات الدولية التي تعكس قوتها ونفوذها العالميين كمنظمة التجارة العالمية (Trade Organization World) التي يُفترض أن تضمن انسياب التجارة بأكبر قدر من السلاسة واليُسر على مستوى العالم، والبنك الدولي (World Bank) الذي يقدم القروض والائتمان والمشورة لأكثر من مائة دولة، وصندوق النقد الدولي (Monetary Fund International) الذي تنتظم فيه مائة دولة، والذي يتولى مسؤولية تعزيز الاستقرار المالي والتعاون في المجال النقدي على الصعيد العالمي، ولكن ترامب الآن -ومن خلال سياساته «الحمائية» الجديدة- المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية على معظم دول العالم، يريد أن يستأثر كلياً، (رغم أنّ الولايات المتحدة تهيمن في الواقع على معظم هذه المؤسسات) بخيرات العالم ورساميله بل ومعادنه النادرة، وبعبارة أخرى، فهو ينكص عن التعاون مع المجتمع الدولي حتى وهو «السيد المهيمن» كي يصبح المستفيد الأكبر، بل والحصري.

إنّ ترامب يغامر في الواقع، ولا شك بأنه سوف يلحق أضراراً استراتيجية بوضعية الولايات المتحدة كقوة عُظمى، وبصورتها، وبالتالي بمصالحها، وغني عن القول إنّ هذا لن يتضح فوراً، أو حتى بعد أشهر أو سنوات، ولكنه سوف يتضح مستقبلاً بالتأكيد!

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF